غرباء هذا الزمان

موضوع: غرباء هذا الزمان 27/10/2010, 7:51 am

[size=21]تحية طيبة

أحببت أن أودعكم بموضوع يتحدث عن حالة الغربة التي نمر بها جميعا الغربة بمفهوم أوسع

أتمنى أن أنجح في شرحه لكم

ينتابني أحياناً شعور يتعبني ، يحاصرني ، أحس بأنني غريب ، غريب تماماً عن كل من حولي و عندما أجد أحداً مثلي أجده يحس بنفس الشعور ، شعور بالغربة و الوحدة

أفكر في ما كونته من صداقات و معارف و أجد أنني لم أكون صداقات كثيرة و أتساءل هل أنا السبب ؟

لماذا لا أجد الكثير من الأصدقاء حولي بينما أجد الكثير من الحساد و المتكبرين و المؤذين ، هل المشكلة في طريقة تعاملي مع البشر ؟

أم أنني لا أحسن اختيار الأصدقاء ؟

و هنا تذكرت أموراً عديدة و خطر ببالي الكثير من الخواطر ، لقد كنت صادقاً مع الجميع ،

كنت أعامل الجميع على أنهم أحبة و أصدقاء و إخوة ، كنت حتى أحكي لهم عن نفسي

، عن همومي و مشاعري و أفكاري و طموحاتي ،

كنت أرفض الخطأ و لا أجامل المخطئ ،

لا أتحامل عليه لكنني أناقشه بلطف و أصحح خطأه

، كنت أشجع الجميع فأنا كمدرس مهمتي هي تشجيع الطلاب و تعليمهم و نصحهم ،

أحب أن أشجع المجتهدين و أن أمنحهم الكثير من الثقة

ربما لهذا صرت غريباً و صرت أحس بالغربة فأغلب من أخلصت لهم خانوني ،

و أغلب من أحببتهم بصدق خدعوني ،

و أغلب من وثقت بهم خذلوني

، حتى من علمتهم و منحتهم الثقة و الأمل و المحبة باعوني ، بل حقدوا علي و كرهوني و كأنني كنت عدوهم و ذكروني بالبيت القائل :
أعلمه الرماية كل يوم ،،، فلما اشتد ساعده رماني

و أتساءل أحياناً : هل أخطأت ؟ هل هم المحقون و هكذا يجب أن أكون ؟ أم أنني أحمل السلم بالعرض و أبالغ ؟

و هنا تذكرت قول رسول الله صلى الله عليه و سلم : بدأ الدين غريباً و سيعود غريبا كما بدأ

نعم كان الصدق أمرا غريبا و عاد اليوم غريبا كما كان فطوبى للغرباء

كان الوفاء غريباً و عاد اليوم غريبا كما كان

كان الإخلاص غريباً و عاد غريباً كما كان

صار الكل يتخذ قانوناً لحياته يتمثل بالقول : و أخوض مع الخائضين

أغلب الناس متلونين و المصلحة هي اساس التعامل بين أغلب البشر

صار الموظف الأمين الذي يرفض الرشوة غريباً

صار البائع الصادق الأمين الذي لا يغش غريباً

صار الشاب الذي يحب بصدق و إخلاص غريباً

صارت الفتاة البريئة المهذبة الصادقة غريبة

كل المفاهيم تغيرت ، صار المقاوم الذي يدافع عن حقه متطرفاً و غريباً و إرهابياً

صار العملاء و الخونة عقلانيين وواقعيين

و هنا تذكرت قول قوم سيدنا لوط له و لقومه : (( أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ))

فالطاهر العفيف برأيهم غريب و منبوذ و الطهارة بنظرهم عيب و عار

و اليوم نرى نفس الأمر

ربما هذه سنة الحياة و في القرآن ستجدون الأمر مذكوراً فالمؤمنون الصادقون المخلصون قلة قليلة فقد قال تعالى : (( و ما أكثر الناس و لو حرصت بمؤمنين ))

و قال تعالى أيضاً : (( و إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ))

و قال أيضاً : (( وما آمن معه إلا قليل ))

و لهذا لا تقلق أخي إن شعرت بأنك غريب ، و يكفيك شرفاً أن سيد البشر رسول الله صلى عليه و سلم قال : طوبى للغرباء
و كن متأنياً في اختيار أصدقائك و حافظ على مسافة مناسبة تحميك من غدرهم و لا تتغير فأنت على الصواب و الحق
كن صادقا و مخلصا ووفيا و طاهراً و شريفا و لا تأبه بالناس من حولك و الله محيي الثابت
و السلام عليكم و رحمة الله

وداعا على امل اللقاء

[/size]